رواية ميراث القلوب بقلم الكاتبة نرمين عادل همام حصري لموقع ايام
المحتويات
بسبب كراسات ولا كلام مكتوب إذا عندك حاجة حقيقية قولي أما لو كان كله شكوك يبقى كفاية تسيبي الناس في حالهم
عنايات بټهديد وهي تغادر الورشة
ماشي يا منصور الأيام جاية وهتشوف بنفسك مين كان عنده حق
خرجت من الورشة وعيون العمال تتابعها بصمت بينما عاد منصور إلى عمله وهو يهز رأسه بأسى يتساءل في داخله عن النهاية التي قد تصل إليها هذه العاصفة العائلية
كان عبد الوهاب يقف على جانب الطريق مستندا على حائط البوسطة ينظر حوله بنظرات تعبيرة فجأة قطعت تأملاته بصوت مألوف
منصور بابتسامة وهو يفتح ذراعيه
عبد الوهاب يا أخويا! عامل إيه وحشتني يا راجل
عبد الوهاب يقترب منه وهو متفاجئ
في إيه يا منصور إيه اللي جابك هنا في حاجة طمني عيالك كويسين
بخير بخير الحمد لله بس شوف مين اللي قاعدة هناك في التوك توك
عبد الوهاب يصدمه المشهد ويخفض صوته
أعوذ بالله دي عنايات أختك! هي عايزة مني إيه تاني مش كفاية الكلام اللي جت سممت بيه بدني امبارح والله ما نمت طول الليل من ۏجع قلبي
منصور يحاول تهدئته
تعال يا أخويا نقعد في أي حتة هي عايزة تتكلم معاك بعيد عن البيت حتى قلت لها تعالي البيت عندي لكنها أصرت إنها مش عايزة حد يسمعنا معلش يا عبد الوهاب خلينا نشوفها عايزة إيه
طيب تعال ندخل المكتب جوه البوسطة كل الموظفين مشوا ومش هيبقى غيرنا هخلي عم رجب يعمل لنا كوبايتين شاي ويمشي وأنا هقفل البوسطة لما نخلص
دخلوا المكتب وكان عبد الوهاب يحاول أن يبقي أعصابه تحت السيطرة بينما عنايات جلست على كرسي وكأنها في محكمة تنتظر تقديم مرافعتها
أنا اللي جبت لكم الشاي بنفسي علشان ما حدش يسمعنا واديني قفلت باب المكتب اتفضلوا يا إخواتي إيه اللي حصل طمنوني في حد حصل له حاجة
عنايات بنبرة متوترة ومشحونة
اللي حصل هو بنتك يا عبد الوهاب! سمعتها بقت على كل لسان لو مش مصدق اسأل أي بيت في البلد الكل بيتكلم
عبد الوهاب وهو يحاول كتم غضبه
عنايات تعقد ذراعيها وترد بحدة
هو انت بتعرف تقرا ولا ما بتعرفش ركز في الكلام اللي في الكراسة كأنه مكتوب لحد بعينه كلام كله حب وغرام! اللي بيكتب شعر بيكتب عن الورد والزرع والشمس مش كل الكلام عن الحب
يعني كل اللي عندك استنتاج وشكوك اتقي الله في كلامك يا عنايات الدين واضح وأي حد يتهم المحصنات الغافلات من غير بينة أو شهود أربعة عقابه عند ربنا شديد الكلام اللي بتقوليه ده يدخل في أعراض الناس بدون دليل وربنا يحاسبك عليه
عنايات تحاول الدفاع عن نفسها
كله من مراتك لما قلت لها نجيب الداية زمان علشان البنت تبقى عاقلة وراكزة رفضت وقالت حرام ودلوقتي بتقولي لي حرام أنا ما جبتش سيرة حد ولا رميت حد
عبد الوهاب پغضب وهو يحدق فيها
مجرد إنك تتكلمي عن واحدة بنت أو ست بالطريقة دي من غير دليل ده في حد ذاته رمي للمحصنات الغافلات واللي بيعمل كده يا عنايات عقابه عند ربنا أشد من اللي تتخيليه إتقي الله وخافي على آخرتك
سكتت عنايات للحظات ولكن عينيها كانت مليئة بالإصرار منصور كان يراقب النقاش بصمت يحاول تهدئة الموقف لكنه شعر أن الڼار تزداد اشتعالا
وقت المغرب في بيت عبد الوهاب
جلس عبد الوهاب على أريكته المعتادة في الصالة متكئا بمرفقه على مسند الكرسي وفي يده مسبحة يحركها بين أصابعه
كانت علامات التعب واضحة على وجهه لكنه لم يكن تعبا جسديا بل من نوع آخر أشد وطأة
في المقابل كانت أم علا تقف عند النافذة تنظر إلى الخارج بنظرات حائرة وكأنها تبحث عن حل لمشكلة لم تعد تحتملها
أم علا بصوت مثقل بالهموم
أنا تعبت يا عبد الوهاب أختك عنايات دي بتلف وتدور طول اليوم علشان الأرض والفلوس اللي انت شايلها لجهاز البنت يا راجل تعال نمشي من هنا ونبعد عن ۏجع القلب ده
عبد الوهاب وهو ينظر إلى السقف وكأنما يخاطب السماء
مش همشي مش هسيب البيت ده وربنا هو اللي هيجيب لنا حقنا منها مش أنا
أم علا تجلس بجواره وتمسك بطرف المسبحة وكأنها تحاول أن توقف توتره
يا راجل دي طول النهار ما بتعملش غير إنها تلف من بيت لبيت وأهو النهارده من بعد ما سابتك في الشغل وأنا شايفة الناس بترمي كلام يا عالم بتكون بتجيب سيرة بنتي علشان ما حدش يتقدم لها وفي الآخر نضطر نرضى بابنها
عبد الوهاب بحزم وصوت منخفض لكنه يحمل قوة
شوفي أنا عندي بنتي تعنس ولاني هجوزها للواد إللي اسمه محسن ده ولا لأي راجل مش قدها اللي هيجي ويخبط على بابي ويطلبها بالحلال وهو واثق إن البنت دي شريفة وما عملتش حاجة غلط هو ده اللي يبقى راجل يستحقها غير كده إحنا مش عايزين جواز
في تلك اللحظة دخلت علا الغرفة وهي تمسك كتابا بين يديها وعيناها تلمعان بتصميم شبابي
مين قال لكم إن أنا بفكر في الجواز أصلا يا بابا ولا حتى عايزه اتجوز دلوقتي أنا عندي ١٩ سنة يا ماما وعايزه أخلص المعهد وبعده أدخل الكلية
وبعد الكلية كمان هفتح مكتب محاسبة باسمي وأعلق اليافطة الكبيرة على الشارع عارفين ليه علشان أحرق بيها ډم عمتي عنايات إللي بټحرق دمنا بالكلام الباطل
أم علا تضحك رغم الڠضب
هقول لك إيه ارمي لها قرشين يمكن تطلع منها نفحه وتبطل الفضايح
عبد الوهاب يهز رأسه بتهكم
وأنت فاكرة إنها ناقصة فلوس ده على قلبها قد كده بخيلة وشحيحة والعياذ بالله عايشة على طبق من هنا وطبق من هناك بناتها اتجوزوا وهربوا منها وهم صغيرين وولادها نفس الشيء يا عيني محدش طايق يقعد معاها
أم علا وهي تهز رأسها بأسى
لا حول ولا قوة إلا بالله أختك دي كأنها مجموعة سيئات ماشيه على رجلين مش سايبة حد في حاله حتى الحيوانات ما سلمتش منها تصدق الديك إللي فوق السطح من يومين كان بيأذن طلعت ومسكت بطوبه ورمتها عليه ولما قلت لها ليه قالت لي إيه يعني ضړبته علشان أنام!
عبد الوهاب يضحك بصوت عال وهو يهز رأسه
سبحان الله! عقلها ده مش عارف طالعة لمين في العيلة أكيد كان في حد شبهها وهي ورثت منه ده
أم علا تتنهد
لا ما فيش حد أمك كانت ست طيبة تتحط على الچرح يطيب كفاية إنها لما حبت تقعد عند حد قبل ما ټموت اختارت بيتنا
متابعة القراءة