رواية ميراث القلوب بقلم الكاتبة نرمين عادل همام حصري لموقع ايام

موقع أيام نيوز

رواية ميراث القلوب بقلم الكاتبة نرمين عادل همام حصري لموقع ايام
_منك لله يا شيخ تبقى تنفضح زي ما أنت عاوز ټفضحني بالباطل كده وتلاقي إللي يتبلى عليك ويجرسك في الشوارع شوف مهما عملت مش حطول شعرة مني 
في ذلك الصباح الباكر كانت رائحة الخبز الطازج تتسلل من المطبخ ممزوجة برائحة القهوة التي اعتادت الأم إعدادها في بداية كل يوم 

أصوات الطيور تملأ الساحة الصغيرة أمام المنزل بينما الهواء البارد يلف المكان ينبئ بأن يوما طويلا في السوق ينتظرهم 
الأم التي لم تعرف الكسل يوما دخلت غرفة النوم بخطوات ثابتة وقفت عند طرف السرير ورفعت صوتها بحزم
اصحي يا علا كفاية نوم بقى الساعة 600 عايزين ناخد بركة اليوم من أوله ده أنا ما صدقت خلصت المدرسة ونويت أبدأ اليوم بدري 
علا التي كانت ملفوفة بالبطانية كشرنقة رفعت رأسها قليلا وعيناها نصف مغمضتين وقالت بتذمر
ما تسيبيني شوية كمان ده أنا طول الليل باتكلم أنا وولاء لو صحتيني تصحيها ما هي اللي سهرتني 
من الجهة الأخرى من الغرفة خرج صوت ولاء ابنة خالتها بنبرة ناعسة وهي ټدفن رأسها في الوسادة
كده يا بنت خالي إيه يعني أنا سايبة بيتنا وجاية أسهر معاك ونتحدت ونسمع أغاني للصبح تيجي أنت وأمك تصحوني من بدري كده
الأم وقد اعتادت على هذا النوع من الجدال الصباحي لوحت بيدها وقالت بنبرة حاسمة
يلا يا بنات مفيش وقت النهارده يوم السوق وأنا هسيبكم دلوقتي وطالعة ادعولي ربنا يرزقنا النهارده مربية كام بطة سوداني إنما إيه وهوديهم لوحده في السوق تبيعهم لي وأنا جاية هجيب ليكم إللي نفسكم فيه واعملي حسابك يا ولاء هتقعدي معانا النهارده كمان 
نهضت ولاء بتكاسل وهي تفرك عينيها وتحاول أن تستجمع طاقتها بابتسامة خفيفة قالت
هو أنا لي متوه غيركم أنا ما صدقت خلصت الدبلوم أنا وبنتك وقاعدة هنا مش متحركة إخواتي الصبيان بيغلسوا عليا وفاكريني زيهم مش بينادوا علي غير أنت يا واد 
علا وقد بدا عليها النشاط أخيرا التقطت طرف الحديث بمرح
أحمدي ربنا يا ريت كان عندي صبيان وبنات إخوات أنا بطولي وأيام المدرسة لما كنت تبقي بعيدة بكلم الحيطان 
ضحكات صغيرة ملأت الغرفة لكنها لم تدم طويلا فقد قطعتها الأم وهي تنظر إليهما نظرة عتاب
هتطلعوا برا في الساحة تقطفوا الملوخية وتغسلوها وتنظفوها وتنشروها على السطح عشان تنشف يا ولاء وأنت يا علا أوعي تراب ييجي عليها لازم تبقى نظيفة الكمية المرة دي كبيرة نصهم لأمك يا ولاء 
رفعت علا حاجبها بدهشة مفتعلة وقالت
إيه يا ماما أنت بتحبي عمتي أم ولاء أكتر مني ولا إيه وعمتي عنايات لا ليه
اڼفجرت ولاء بالضحك وقالت
يا بنتي أنت مخك فين ده فرق كبير يا ساتر يا رب عايزة تجيبي أمي زي خالتي عنايات أعوذ بالله ده من يومين شافتني لابسة هدوم جديدة لكن كانت طويلة فضلت تدوس عليها برجليها وعملت نفسها عامية مش شايفة 
اندمجت علا في ضحكها وقالت بسخرية
ما تفكرنيش بيها وبناتها كل خلفتها استغفر الله ولا الثقيل الكبير يا ساتر!
الأم التي كانت قد ارتدت معطفها وهمت بالخروج توقفت عند الباب وألقت نظرة متفحصة حولها وكأنها تتأكد من خلو المكان من الجيران المتطفلين ثم قالت بهدوء وحذر
طب اسكتوا بقى لتلاقيها طبه علينا ده الفرق بينا وبينها مفيش كام متر معرفش أبوك جابها هنا ليه نفسي ربنا يكرمنا ونبعد عنها 
وسط هذا الجو العائلي البسيط حيث تمتزج المشاحنات بالحب والضحك بالأعمال اليومية كان كل شيء ينبض بالحياة 
في هذا البيت المتواضع كل يوم يحمل معه تفاصيل صغيرة تكتب قصصا مليئة بالمواقف والذكريات التي لا تنسى 
وبعد ساعة كانتا في الساحة الخلفية للبيت بين ضوء الشمس الذي بدأ يتسلل بخفة وبين أصوات الطيور التي تحلق فوق الأشجار الصغيرة المحيطة بالمكان الرياح اللطيفة تحرك أوراق الملوخية التي جمعوها للتو وجعلت الجو أكثر انتعاشا 
بقلمي نرمين عادل همام
ولاء وهي تمسك بعض أوراق الملوخية وتنظفها بحماس
أحلى حاجة يا بت يا علا إن أبوكي عمل سور ما بينك وما بين خالتي كده أحسن افتكر السنة اللي فاتت اللي يقف هنا عند الباب كان يشوف باب بيتها على طول لا كده كويس 
علا وقد جلست القرفصاء تمسك حفنة من الأوراق وتضعها في السلة تنهدت وقالت بامتعاض
ويا ريتها يا أختي طلعتنا من دماغها لأ بتعد علينا حتى الفراخ اللي أمي بتربيها وحشره بوزها في كل حاجة ولو سمعت صوت بالليل تيجي تجري تقول إيه اللي عندكم ولو شمت ريحة طبخة تيجي تحشر نفسها 
ولاء وهي تهز رأسها متفكرة
هو إحنا مشينا من هنا من شوية إحنا آه قريبين منكم لكن مش للدرجة إن إحنا نبقى جنبها كده أهو ربنا يكون في عونك يا مرات خالي إنت وخالي 
علا وهي تخفض صوتها فجأة تنظر حولها بحذر
طب نوطي صوتنا بقى لا أحسن نلاقيها طبه علينا وبتحاسبنا على كل كلمة بنقولها دي بتاخد كل كلمة عليها!
من يومين كنت بتكلم على واحدة كانت معايا في المدرسة وقابلتها في السوق الأسبوع إللي فات وبقول عاملة نفسها مش شايفاني تصدقي إيه الباب خبط ودخلت تزعق فاكرة إن الكلام عليها!
ضحكت ولاء بصوت خاڤت وقالت بمرح
يا بت اطلعي من دول تلاقيكي كنت قاصداها!
علا وهي تحرك يدها بلا مبالاة
من غيظي بقعد أشتم الدبان بصوت عالي بس مش شتيمة وحشة وبقعد أكلمهم بلاقيها بتيجي تتصنت تشوفني بكلم مين أهو من غلبي مين اللي شايفاه منها هي وابنها المعدول! انت عارفة لو كان آخر واحد في الدنيا ما أناش متجوزاه!
ولاء وهي تميل برأسها بحنان مزيف
يا عيني عليك يا علا هو أنا أقول البت اتهبلت ليه وطول ما أنت قاعدة تكتبي الشعر في دفتر أتاري يا أختي من الكابت اللي جواكي! ما هو لو كان إنسان كويس مش كنت قلت له هو الشعر ده
علا وهي تحاول إخفاء ابتسامتها تدفعها برفق
قطفي يا أختي الملوخية وانت ساكتة ومن ناحية بكتب لحد بكتب لحد بس في دماغي حد لسه ما شفتهوش ولا عرفته شوفي كده لما تحبي الهوى أهو أنا بحب الحب ذات نفسه اللي هديه لحد من الحد ده الله أعلم 
ولاء وهي تنظر إليها بدهشة ساخرة
يا بت إللي إنت فيه ده اسمه هبل ما هي تحبي حد يا ما تحبيش حد! لكن تكتبي شعر في حد بتحبيه لكن لسه ما قابلتهوش ولا تعرفي هو مين ده قمة التخلف!
ضحكت علا بخفوت وبدأت ترتب الأوراق في السلة بحرص الجو بينهما كان مزيجا من المزاح الخفيف والسخرية المحببة وكأن هذا النوع من الحوار كان الطريقة الوحيدة لمواجهة ملل الأعمال اليومية 
وفي نفس الوقت
داخل بيت عنايات عمة علا وخالة ولاء كان المشهد أكثر توترا وامتلاء بالمكائد 
عنايات بصوت عال وهي تلوح بيدها وكأنها تعطي أوامر عسكرية
إنت يا هباب يا إللي اسمك محسن! قوم اتحرك كده! انت قاعدلي طول النهار لا شغلة ولا مشغلة قوم
تم نسخ الرابط