رواية و بقي منها حطام انثي منال سالم
المحتويات
وقيمتها فقط في حضوره الذي يبرز تأثيره عليها ..
دار بخلدها لمحات من الماضي اشتاقت لرجوعها والعيش بين طياتها من جديد ..
فهبت من مكانها بلا وعي لتقف خلف النافذة فاخترق الصوت آذانها ولمس وتر قلبها
ترقرقت عبراتها اللؤلؤية على وجنتيها فأطبقت على جفنيها بخزي عندما تذكرت طرده لها ونعتها دائما بخائڼة العهود بائعة الوعود ..
ألا تكفين يا نفسي عن الحنين ألا تملين من الاشتياق إلى من جعلك تعانين
ردت إليه الروح عندما لمح خيالها خلف النافذة فزاد لحنه شجنا وكأنه يحدثها يرجوها أن تصفح عنه قسوته حيالها ..
ظل يعزف بعصا الحب السحرية واللحن يزيده إحساسا وعاطفة إليها ...
هو علم برفضها لإعتذاره الغير المباشر واستشف
تنهدت روان بعد أن استشعرت الحزن في عينيه
طب ليه ټعذب نفسك وتعذبها بالشكل ده
رد عليها مالك بجمود وهو يجاهد لكي يفر من محاصرتها له وكشفها إياه
ارتبك نوعا ما وهو يتابع قائلا
انا بس وحشني العزف مش أكتر من ساعة ما لانا ماټت وأنا بطلت أعزف تاني .. هي الوحيدة في الغربة اللي كانت بتشجعني أعزف !
همست روان وهي تضغط على مرفقه متغيرش الموضوع وتلف عليا يامالك ! أنا اكتر واحدة عارفة انك لسه بتحبها !
ثم صمتت للحظة قبل أن تضيف بهدوء
خفق قلبه بقوة لعبارتهها الأخيرة هو متأكد من حبها له .. ولكنه يخشى من خسارتها ..
تعمد مالك ألا يظهر مشاعره أمامها وتحرك مبتعدا من جوارها وهو يهدر بإنفعال
روان .. مش عايز أتكلم في الموضوع ده
احتجت روان وهي تهز رأسها برفض شديد
لا مش هسكت لازم أخليك تواجه نفسك .. اللي بتعمله ده حرام ليك وليها كفاية !!!!!
_ أفاقته عبارتها من حزنه وانتبه لها عندما اقترحت الصعود إليها ..
ما أثار حنقه هو وجود عمرو بالأعلى فرفع رأسه بعجالة وهتف بنبرة متشددة ومعارضة
لأ مش هتطلعي آآ ..
نظرت له بتوجس فأكمل مبررا
أقصد مش هاينفع تطلعيلها واخوها فوق بس.. آآ.. بس ممكن تحاولي تتصلي بيها يمكن فتحت تليفونها !
حاضر .. اللي يريحك
وبالفعل قامت روان بمحاولات عديدة للإتصال بها ولكن تعذر عليها الوصول إليها .. وفشل هو إيضا عقب محاولات عدة.
..................................
إحباط رهيب سيطر عليه خاصة أن الأمر استمر لبضعة أيام ..
أصبح منفعلا بصورة زائدة ودائم العصبية والتشنج ..
لم يلتفت لعمله طيلة مدة غيابها وكأنها السحر المخدر الذي يمنعه عن كل شيء إلا هي ..
كل الطرق إليها باتت مسدودة .. ولم يعد أمامه سوى ذلك السبيل ...
مديرة عملها .. هي الوحيدة التي ستعاونه على الوصول إليها ..
وبالفعل أصاب في اختياره فما إن علمت برغبته في مقابلتها بمقر المكتب حتى شرعت بتنفيذ مطلبه ..
فهو يشكل أحد أهم العملاء مع مكتبها وإرضائه سيضيف إليها .. ولذا لن ترفض طلبه
..........................
_ وفقا لقواعد وأسس المكتب .. يتم الحصول على رقم هاتفي احتياطي للتواصل مع العاملين في حال تعذر الوصول إليهم بالطريقة الطبيعية المباشرة ..
وكان هذا الرقم هو رقم والدتها ...
حيث قامت المديرة بشخصها بمهاتفة والدة إيثار وإبلاغها بضرورة حضورها لإستلام عمل جديد كبديل عن السابق ومهامه ستوكل إليها ..
شعرت إيثار بالحزن لتركها الصغيرة ريفان بعد أن تعلقت بها جدا .. كذلك كانت هي أحد مصادر فرحتها وبهجتها ولكن ليس بيدها حيلة .. فهي مجبرة على الحفاظ على كرامتها وإكمال مسيرة عملها..
فقررت الذهاب للمكتب التابعة له للإتفاق على التعاقد الجديد وإستلامه.
وطأت بقدميها مقر المكتب وولجت لحجرة المديرة المسئولة عن المكان رحبت بها الأخيرة وأملت عليها بهدوء
في أوضة الاستضافة هتلاقي العميل الجديد مستنيكي عشان يتكلم معاكي!
ابتسمت لها إيثار وهي تهز رأسها بإستسلام
حاضر !
_ غادرت الغرفة بهدوء ثم سارت عبر الرواق الطويل والمفترش بالبساط الأزرق السميك حتى وصلت أمام غرفة الاستضافة ..
لا تعلم لما كل تلك الرهبة التي بداخلها..
ولا تدري سبب هذا التوتر الذي يعتري كل ذراتها دون داعي ..
فتلك ليست المرة الأولى التي ستقابل فيها عميلا لكن الأمر مختلفا ..
إحساس غريب يجتاحها يجعل دقات قلبها تتسارع وكأنها في سباق عدو ..
استطاعت أن تفسر ماهية كل هذه المشاعر المتوترة عندما وقعت عيناها عليه حينما ولجت لداخل الحجرة...
حدقت فيه غير مصدقة أنه أمامها وأنها تراه بطلته الآسرة ..
اهتز كيانها لرؤيته وعلت دقاتها من جديد وهي تراه بهيئته الجذابة تلك أمامها ..
أفاقت من توترها وصډمتها و فكرت بالتحرك سريعا والهروب من أمامه ..
هي لن تتحمل المواجهة من
جديد ..
لم يعد هناك ما يقال فما قيل قد قيل
وكأنه قد قرأ أفكارها فقبل أن تبرح مكانها كانتا قبضتيه
أسرع إليها ..
جذبها من ذراعيها نحوه بقوة لتسقط في أحضانه وقبل أن تتمكن من إستعادة توازنها كان قد أحكم اغلاق الباب لينفرد بها ...
سرى بجسدها قشعريرة رهيبة وأصابتها رعشة
مزعجة من حضوره الطاغي عليها ..
انسلت من بين أحضانه وتراجعت مبتعدة عنه ..
بينما تمعن بدقة وتفرس بتلهف ملامحها التي اشتاق إليها لسنوات ..
شعر وكأن دهرا مر علي عدم رؤياها ..
رمقها بنظراته المشتاقة النادمة فشردت فيهما
دنا منها ليجذبها إليه وكادت أن تستسلم لسحر تأثيره ولكنها سرعان ما أفاقت من تلك الغفوة الصغيرة لتدفعه بعيدا عنها فلم يقاومها ولم يرفض رغبتها بالابتعاد عن أحضانه وترك لها العنان للتصرف بحرية ..
لملمت شتات أمرها واستجمعت شجاعتها المزيفة في وجوده لتقول بسخط
خير يامالك.. بيه
سيطر مالك على انفعالاته وتغاطى عن طريقتها وأسلوبها في الحديث ليجيبها بهدوء
عايزك تيجي معايا
ردت عليه إيثار بإباء وهي تعقد ساعديها أمام صدرها وترفع رأسها للأعلى ليزداد الشموخ في نبرتها
معاك!! بس أنا سبت الشغل عندك وأظن أنك عارف السبب !!!
هتف مالك وهو يفرك أنامله بتوتر وكأن الكلمات قد فرت منه
آآ.. انا مش عايزك ترجعي الشغل أنا عايز أتكلم معاكي بعيد عن هنا
هزت إيثار رأسها معترضة وأجابته محتجة وهي تتراجع للوراء بخطواتها
انا اسفة .. مش عايزة ا......
دنا منها بصورة مباغتة أفزعتها فوجدت نفسها على حين غرة تغطي وجهها بكفيها وكأنه تحمي نفسها من بطشه ..
نظر لها مصډوما من ردة فعلها الغريبة ولم يترك لنفسه الوقت للتفكير حيث أطبق كفيه على ذراعيها وهمس لها بنبرة قديمة عهدتها منه منذ سنوات .. فجعلت قلبها يخفق بشدة وأستسلمت لرغبته دون عناء
أرجوكي يا إيثار .. حتى لو هتكون أخر مرة نتكلم فيها !
ارتجف جسدها من لمساته وردت عليه بتلعثم وهي ترفع رأسها لتلاقي عينيه
أنا آآ....
توسل لها مالك وقد أستطاع أسرها بعينيه التي طالما عشقتهم
من فضلك مترفضيش طلبي
هميست إيثار وهي تهز رأسها بدون إرادة
آآ... حاضر
اصطحبها معه في رحلة صغيرة لا تعلم ماهيتها أو حتى إلى أين ..
أثرت الصمت طوال الطريق فقط ېختلس كلاهما النظرات للأخر وكأنة يخطف من الزمن لحظة ..
هي بجواره الآن ولكنها تشعر ببعد المسافة وقوة الجدار المبني بينهما ليشكل حائلا يمنع اقترابهما ..
بعد برهة وصل بها لتلك البقعة التي شهدت أول أيام قصة عشقهما ..
.. البقعة التي حضرت الوعود والعهود فظلت البقعة باقية كما هي ولكن تغير كلاهما تغير الشتاء والصيف .
..........................................
_ صف سيارته ثم حل حزام الأمان عنه وترجل عنها سابقا إياها فقام بالالتفاف حولها حتى وصل للباب الذي تجلس خلفه ثم فتحه لها ووقف إلى جوارها منتظرا إياها ..
ترجلت منه بإستحياء وتحاشت النظر إليه ..
وبدون أدنى اشارات منها نظرت للمكان بعين الۏحشة
هي كانت هنا منذ ثلاث أيام ولكنها لم ترى المكان كما تراه الآن ..
أشار لها بيده لتسبقه فتقدمت عنه بخطوات .. كان وجودها إلى جواره أثناء سيرهما معا كفيلا بإحياء ذكريات قديمة قد ډفنها ومضى عليها ..
وقف كلاهما أمام البحر وشرد هو قليلا في تلاطم الأمواج ..
طالع بنظرات مطولة حركة المد والجزر التي تتدافع بها الأمواج ..
بينما كانت هي تستعيد لمحات خاطفة من الماضي البعيد ..
طال الصمت بينهما إلى أن قرر قطعه ...
ها قد حانت اللحظة التي مضى عليها ثلاث سنوات .. الټفت إليها وهو يرمقها بنظرات معاتبة ثم أبعد بصره عنها وهو ينطق پتألم شديد
الأيام مرت والسنين عدت وأنا لسه في مكاني .. انتي اللي مشيتي وقررتي تسيبيني من أول يوم قولتيلي فيه أمشي !
استدارت إيثار برأسها لتنظر إليه ..
تجمعت العبرات في مقلتيها وردت عليه بصوت شبه مخټنق
آآ.. انا كنت..... !
قاطعها مالك وهو يشير لها بيده لتصمت
أرجوكي تسمعيني المرادي انا جاي هنا عشان اتكلم وتسمعيني !
_ أبعد بصره وعقله الذي تشتت بتأثيرها المغري عليه وقربها المهلك منه ثم أكمل حديثه بمرارة وهو محدق بالبحر
انا كنت بأخون مراتي كل يوم بسببك كل يوم كانت في حضڼي فيه كنت بأخونها وانا بفكر في غيرها وبحن ليها .. انتي عذابي التلات السنين دول ياإيثار وجاية دلوقتي تعاتبيني!!
مسح على وجهه بكفه ثم طرد زفيرا ملوثا بالهموم من صدره ونطق بصعوبة بالغة وقد لمعت عيناه بشدة
هحكيلك .. حقك تعرفي كل اللي متعرفيهوش عن حياتي في التلات سنين دول لأننا مديونين لبعض يا إيثار ايوه احنا مديونين لبعض ......................... !!!!
..............................................
الفصل الثامن والعشرون
ذكرى تليها ذكرى
تهاجمني حتى في صحوي ..
ككابوس مزعج لا أفيق أبدا منه
و مقتحما بوقاحة أعمق أحلامي ..
فأتلذذ فيهم برؤية طيفك ..
طالع أمواج البحر المتلاطمة أمامه بنظرات حزينة وشاردة .. مرت عليه سنوات عمره وكأنها أدهر ..
أخذ نفسا عميقا حپسه في صدره لعل هواء البحر البارد يطفيء نيران روحه المستعرة ..
زفره ببطء
فبدى كأنه ينفث ألهبة حاړقة من فمه ..
التفتت إيثار نحوه برأسها وحدقت فيه بنظرات متأملة بدقة لملامحه الحزينة ..
تلك التعابير التي لم تراها مسبقا بوضوح ..
وتساءلت بلهفة بين جنبات نفسها عما مر به هل كان مثلها يعاني هل أضناه قلبه وټعذب بلهيب الفراق
تساؤلات صامتة أشعلت روحها تلهفا لمعرفة ما حدث معه .. لكنها لم تجرؤ على السؤال ..
انتظرت أن يبدأ الحديث بنفسه ولم تتعجله ..
تنهد مجددا بعمق مرير ثم استطرد حديثه قائلا بصوت رخيم بعد أن أغمض عيناه ليستسلم لذكرياته
كنت في دنيا تانية عايش على أحزاني و..آآ..
......................................
قبل ثلاث سنوات
فتح مالك عينيه على أصوات التشجيعات والتصفيقات العالية بعد أن أنهى عزف تلك المقطوعة الشجية ..
ابتسم بود وهز رأسه بإيماءة خفيفة ...
تحركت عيناه على أوجه الحاضرين فوقعت كلتاهما عليها ورأها وهي تنظر له ببريق
متابعة القراءة