رواية مكتملة بقلم امل نصر

موقع أيام نيوز


الحديقة المتواضعة بمساحتها الصغيرة وانواع الخضروات واشجار الفاكهة محدقا بسالم وابنه محمد الصغير وهم يعملون في الأرض بكل جد ونشاط ابتسم من قلبه وهو يرى محمد المشاكس الصغير وهو يقلد أبيه في كل خطوة يقوم بها حتى في وقفته والأفعال الصغيرة له مااروعه من مشهد قد لا يشعر به سالم في ظل انغماسه طوال الوقت في

الكد في العمل ومشاغل الحياة هو نفسه لو مر أمامه هذا المشهد منذ سنوات أمامه لم يكن يراه بهذا الجمال بل لم يكن يراه من الأساس مع هذا الثراء الفاحش والحياة المرفهة التي كان يعيشها فنحن لا نشعر بقيمة الأشياء والمعنى الحقيقي للحياة
سوى عندما نتعرض للضغط الشديد أوالقسوة والخېانة من اقرب الأشخاص 
انتبه على طرق خفيف على باب فعلم من الطارق هتف عليها لتدخل وحينما دلفت بطلتها التي تثير بقلبه الراحة والسعادة رفرف قلبه بين اضلعه مع رؤيته لنسمات الهواء التي ضړبت وجهها وطيرت طرف حاجبها بلمسة ساحرة فلم ينتبه لما تقوله حتى كررت بصوت اعلى
بقولك عامل ايه النهاردة مابترودش ليه 
اجفل من شرده ليعود لواقعه ثم اشاح بوجهه نحو النافذة مرددا بصوت خاڤت
الحمد لله كويس متشكر
انتبهت يمنى على نبرته الحزينة والخالية من العبث كعادته في الحديث معها فقالت 
امي قالتلي انك مارديتش تفطر وكنت عايز تشرب علاجك على معدة خالية ودا مضر 
ظل صامتا ولم يرد اردفت هي 
هو عمي يونس قالك إيه بالظبط وخلاك تزعل بالشكل ده معلش هو عصبي شوية وكلامه كمان شديد زيه 
عمك معاه حق يايمنى 
اجفلتها كلماته ونظرت اليه باستفسار وعدم فهم فتابع 
عمك راجل بيدافع عن ابوكي وبناته بدافع الأخوة المشكلة فيا انا وفي المصېبة اللي وقعت فيها وبعدها جرت كل البلاوي اللي وقعت فوق راسي وكله كان بسبب غبائي
قطبت بحيرة تسأله
غباء ايه ده اللي يوقعك في المصاېب والبلاوي 
أطرق برأسه لحظات قبل أن يجيبها 
ممكن يايمنى تكلمي عمي سالم وتقوليه اني عايزه في موضوع ضروري 
اومات له بالإيجاب وقالت
تمام هاقوله بس انت لازم تاكل دلوقت عشان علاجك ماينفعش يتأخر أكتر من كدة 
حدق بها صامتا لبعض اللحظات قبل أن يسألها
هو انت
ايه اللي رجعك بدري النهاردة مش برضوا ميعادك على ٣ العصر 
اذهلها تركيزه
الشديد بمواعيد عملها ودراستها خجلت من سؤاله فقالت وهي تشغل نفسها في النظر على بعض عبوات الدواء التي وجدتها على الطاولة القريبة امامها كي تفحصها ثم ترتيبها ورفع المنتهية منها 
عادي يعني حسيت بشوية صداع في دماغي فاستأذنت ومشيت 
لو قولتلك ان دخلتلك عليا دلوقت كانت من ساعة تقريبا امنية في قلبي واتحققت في وقتها هاتصدقي 
تركت مابيدها والټفت اليه مستفسرة 
يعني ايه
أجاب وعيناه تأسر خاصتيها 
يعني يايمنى انا لما اتخنقت قوي اتمنيت اشوفك في اللحظة نفسها عشان برؤيتك بحس بأمان كبير وهم بنسى حمله على كتفي هل دا بقى طبيعي 
صمتت وتركت مابيدها كي تستأذن للخروج من أمامه على الفور حتى اذا وصلت الى غرفتها شهقت بصوت عالي بفزع تجيب لنفسها عن أسئلته بما لا تجرؤ على البوح به امامه انه يسألها وكأنه ليس على علم كيف يسألها وهي تحلم برؤيته وتشعر بألمه من قبل أن تراه كيف يسألها وقد امتلأت كراستها برسم عيناه التي طاردتها في منامها وصحوها قبل رؤيتها على الحقيقة كيف يسألها وهي قد انقبض صدرها وتشتت ذهنها في نفس اللحظة التي اخبرها فيها عن شعوره بالإختناق وهذا برغم بعد المسافات بينهم اذا فالأحق لها هي أن
تسأله وتسأل نفسها أيضا 
هل هذا طبيعي وماالرابط الذي يربط بينهم ليحدث 
وفي الحديقة الصغيرة وبعد أن انتهى سالم من العمل في حوض الخضرة واطلق المياة على الباقي كي ترويهم جلس أسفل الشجرة الكبيرة لفاكهة الجميز يلتقط أنفاسه مسح بطرف كمه العرق المتساقط بغزارة على جبهته ووجهه وعنقه ثم تناول زجاجته البلاستيكية ليشربمن مياهاها الباردة ويرتوي هو أيضا لكنه شهق فجأة ينتزعها عنوه حينما شرق يسعل بفضل الثمرة التي سقطت على أنفه فجأة وأجفلته وبعد أن هدأ
والتقط انفاسه صړخ وهو ينظر بالأعلى 
يابن الكل مش تاخد بالك كنت هاتفطستي دلوقت 
رد محمد الجالس على إحدى اغصانها المتينة 
افطسك ليه يابوي هو انا عملت حاجة 
نزلت الجميزة الناشفة على مناخيري وانا بشرب وخليتني شرقت ياواض الناصحة 
قال سالم پغضب وكان رد محمد ضحكة مقهقهة بصوت عالي دون توقف جعلت سالم هو الاخر تصيبه العدوى وهو يجاهد لرسم الحزم امام ابنه فقال 
خلص فضها ياولدي وانزل من عندك لاحسن تقع كفاية الحباية اللي جمعتهم 
ردد محمد بانفعال 
حباية قليلين اللي لقيتهم طيببن وجمعتهم يابوي والباقي كله اخضر 
ياولدي ما هو لسة الموسم بتاعها انت اللي مستعجل عليها انزل ياللا ياحبيبي كفاية كدة 
حاضر يابوي حاضر باه 
قال محمد وهو ينفض كفيه پغضب طفولي ثم تراجع حتى اقترب من اخر الغصن الغريب واصبح في متناول اباه الذي انزله سريعا مرددا بارتياح
ايوة كدة ربنا يهديك ياولدي دا انا كنت حاطط يدي على قلبي خاېف عليك لا توقع 
رد محمد بتشنج وهو يضع ماجمعه من ثمار داخل اناء بلاستيكي 
تاني برضوا هاتقولي خاېف دا انا مطلتعش غير عالجزع الاولاني ومجمعتش غير الحباية القليلين دول المش مكملين كيلوا حتى 
فضل ونعمة يامعلم
محمد دا كفاية ان جمعتهم بيدك ياخي هو احنا نطول برضوا
تفوه بها سالم وهو يتناول جلبابه من على الأرض يرتديها وتحمس محمد من قول فردد وهو ينظر اليهم في الإناء
انا هاقسمهم بالواحدة علينا انا وخواتي البنات وانت امي وصالح يابوي 
أجفل سالم على جملة ابنه فسأله باهتمام 
هو انت صالح فاكره منينا يامحمد عشان تحسبه معانا ياولدي
رد
محمد بعفويته 
ايوة يابوي عشان صالح زين وكلامه زين زيه وانا بحبه قوي عشان هو صاحبي ودايما يقولي انت راجل يامحمد شد حيلك عشان تفرح ابوك وامك واخواتك لما تكبر وتبقى حاجة زينة 
انهى محمد كلماته امام صدمة ابيه منها ثم هم ليذهب ولكن سالم استوقفه قبل ان يتحرك
خد هنا يامحمد اوعى تكون ياولدي بتقول الكلام ولا تجيب سيرة الراجل ده قدام حد من صحابك ولا عيال الجيران او اي حد
رد صالح بحمائية 
ماانت نبهت عليا يابوي في الموضوع ده وانا قولتلك حاضر ومدام قولت حاضر يبقى عمري ما هافتن على واحد صاحي 
صاحبي!!
تمتم بها سالم بدهشة وهو متسمر محله فظل ينظر الى ابنه الذي أردف بكلماته ثم ذهب من أمامه لا يعي بخطورتهم 
حينما دلف سالم من الباب الداخلي للحديقة التي في خلف المنزل وجد امامه يمنى متكتفة الذراعين واقفة أمامه وكأنها تنتظره 
إيه امال في حاجة اياك
سأل سالم ابنته بريبة فاجابته بسؤال 
هو عمي يونس قال ايه لصالح عشان يبقى بالحالة دي
قطب سالم بحيرة سائلا 
حاجة ايه بالظبط وحالة ايه اللي
بتقولي عليها دي 
اجابته يمنى بتفكير 
مش عارفة اوصفلك ازاي بس هو مارديش يحط لقمة في جوفه من الصبح وبيقول لامي انه عايز ياخد الدوا كدة وانا لما دخلت عنده عشان اسأله قالي ان عمي معاه حق وان الغلط منه هو عشان غباءه كان السبب في كل المصاېب
والبلاوي اللي حلت فوق راسه!
ضيق سالم عيناه قليلا يستوعب
قبل يسألها 
بلاوي ولا مصايب ايه اللي بيقول عنها 
مش عارفة يابوي بس انا لما سألته طلب يشوفك عشان يكلمك 
اجابته بحيرة فتمتم سالم بكلماتها 
عايز يكلمني ! ودا هايكون عايزني في ايه يعني 
تحرك ليتخطاها ويذهب ولكنها أوقفته 
بابوي انا كنت بسألك هو عمي قالوا ايه بالظبط وخلاه بالحالة دي وانت مجاوبتنيش 
يابتي انا كمان ماعرفش عمك نفسه انا ماشفتوش ولا كلمته امبارح من وقت مااتصلت بيه و 
قطع كلماته متذكرا اكملت على كلماته تسأله 
و إيه يابوي قولتوا لبعض ايه في التليفون 
نظر اليها قليلا بصمت قبل ان يرد عليها
ماقولناش ولاحكينا يا يمنى انا بس قولتله على اسم صالح الحقيقي واسم بلده وعيلته ويس على كدة مقولتش على حاجة تانية اوعي بقى خليني اروح اشوف الجدع ده واشوف ايه حكايته 
اوقفته يمنى قبل ان يبتعد عنها 
معنى كلامك ده ان عمي سأل عليه وعرف ايه حكايته 
استدار اليها ابيها قائلا بتخمين
ويبقى أكيد حكايته واعره قوي بدليل ان عمك دخل عليه وحذره بشدة حسب مافهمت من كلامك 
صمتت يمنى تستوعب كلمات ابيها الذي غمغم عائدا 
ربنا يسترها ويعديها على خير 
اقترب سالم من الغرفة الموجود بداخلها صالح وقبل ان يدلف اليها دافعا الباب المفتوح قليلا بمواربة ولكنه توقف حينما استمع لصوت صالح وهو يتكلم مع ابنه الصغير محمد
سامعني يامحمد عايزك ياحبيبي تخلي
بالك من الكلام دا كويس 
قطب سالم وانتابته الريبة من الكلمات فدفع الباب قليلا ليرى فوجد ابنه جالس امام صالح على الاريكة اسفل النافذة الخشبية بالغرفة يتناول معه من الطبق الصغير ثمار الجميز التي جمعها من شجرتهم رد محمد بسؤال
ايوة يعني ايه برضوا مش فاهم كيف اخلي بالي من خواتي البنات وكيف عايزني احذر من
القرايب هما مين القرايب دول مش خواتي برضوا
تبسم صالح يمسح بكفه على شعر محمد قائلا بحنان
خواتك البنات مش قرايب يامحمد خواتك دول يبقوا دمك يبقوا عرضك اللي لازم تحميه من كل عين تبصله بنظرة شينة خواتك دول مهما كبروا ولا اتجوزا ولا خلفوا حتىهايفضلوا محتاجين اخوهم سندهم يبقى في ضهرهم 
توقفت الكلمات على لسانه يبتلع الغضه المؤلمة بحلقه حتى ادمعت عيناه وراها محمد وانتبه عليها سالم الذي ظل واقفا محله يستمع يستشعر معنى كلماته ومغزاها كلمات لا تصدر بهذه الحړقة الا من قلب موجوع 
انت پتبكي باعم صالح
سأل محمد فنفى صالح يمسحها بطرف سبابته 
لا يا حبيبي دا انا بس عيني اطرفت على خفيف حكم هي ۏجعاني من الأساس المهم بقى انت فهمت كلامي يامحمد 
اجاب محمد بثقة
ايوة فهمت طبعا اي حد هايكلم اخواتي ولا يضايقهم هافرمه فرم 
سالم أيضا الذي ابتسم في محله تحمحم يدفع
الباب فيكفيه ماسمعه من حديث
السلام عليكم
رفع الاثنان راسهم اليه وردد خلفه صالح التحية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تكلم سالم ممازحا وهو يجلس أمامهم على الكرسي الخشبي 
وه وه دا ايه الرضا السامي ده الباشا محمد جايبلك من الجمبز
لحد عندك دا انت باين امك دعيالك 
امي!
تمتم صالح بها پألم قبل ان يتابع باقتضاب 
ربنا يرحمها 
انتبه سالم على حزنه فا اردف سائلا ابنه 
وعلى كدة بقى الصحن اللي بتاكل منه من نصيب صالح ولا نصيبك
سأله مستفسرا
نصيب ايه بالظبط 
اصله ياسيدي بعد ما جمع الجميز الطايب اتفق معايا انه هايوزعهم بالواحدة علينا بما انها اول طرحة من الشجرة 
قال سالم فجاء الرد من
محمد
الصحن دا مش محسوب دا صحني انا هاكلوه مع صالح والباقين هانوزعهم مابينا بالعدل 
وه ياضلالي 
اردف بها سالم ضاحكا امام صالح الذي اصابته العدوى وابتسم ممازحا رغم حزنه
دا العدل بتاع محمد باشا بقى حد يقدر يعترض
رد سالم على مزحنه
وانا مين بس يابوي عشان اعترض هو في حد في الدنيا يقدر يعارض الباشا 
توقفت الثمرة على
 

تم نسخ الرابط