رواية (القلب وما يعشق) كاملة

موقع أيام نيوز

_
بقولك أرميها
فتحت حقيبتها فى سرعة ووضعتها بداخلها وقالت له بتحدى_
مش هرميها.. لو أنت مش عاوزها أنا عاوزاها
تطايرت شرارات الڠضب من عينيه وصړخ فى وجهها_
وأنت مالك أنت.. بتدخلى فى اللى ملكيش فيه ليه.. عاوزها ولا مش عاوزها يخصك أيه أنت.. لما أقولك أرميها تسمعى الكلام وأنت ساكتة فاهمه ولا لاء.. أياكى تدخلى فى حاجة تخصنى تانى ولا حتى تقفى فى مكان أنا فيه.
كانت نظراته حادة جدا والڠضب يطل من عينيه فعلمت أنه ليس فى حالته الطبيعية وتراجعت للخلف خوفا من أى تطاول من الممكن أن يحدث ثم استدارت وخطت خطوات سريعة أقرب إلى الجرى للداخل لم تنتظر المصعد ولم تفكر به وصعدت الدرج فى سرعة ومنه إلى شقتها و دخلت غرفتها وألقت نفسها على الفراش وظلت تبكى وقلبها يخفق بشدة
كانت أول مرة فى حياتها تستشعر الخۏف من أحد وتتراجع أمامه خوفا من بطشه .. شعرت بمهانة كبيرة وبأنها شخص غير مرغوب فيه وأنها فى بيت غريب عنها من السهل أن تطرد منه فى أى وقت نهضت وكفكفت دموعها وجمعت ملابسها فى حقيبة صغيرة هبطت إلى الأسفل وخرجت للخارج فى سرعة دون أن يلاحظها أحد.... وعادت من حيث أتت
ظلت أم عبد الرحمن تطرق الباب ولكن لم يستجيب لها أحد قلقت بشدة وعادت إلى شقتها ووقفت تفكر فى حيرة ألتقطت الهاتف وحاولت الأتصال بإيمان عدة مرات ولكنها لم تلقى أى أجابة زاد قلقها وتحدثت إلى زوجها هاتفيا وأخبرته بقلقها على إيمان وأنها لا تستجيب لطرقاتها فطلب منها أن تدخل لعبد الرحمن ليحاول فتح باب الشقة لعلها حدث لها شىء فى الداخل وهى بمفردها.
ذهبت إليه مسرعة وطلبت منه ذلك حاول عبد الرحمن أن يتملص من أمه فهو لا يريد ان يحتك بها بعد ما فعله معها ولكن أمه أصرت فصعد معها وطرق الباب عدة مرات دون فائدة ثم اضطروا فى النهاية إلى فتح الباب عنوة وقف فى الخارج ودخلت هى تبحث عن إيمان فلم تجدها دخلت غرفة نومها فوجدت خزانة ملابسها خاوية فخرجت فى سرعة وهى تهتف به_
إيمان خدت هدومها ومشيت يا عبد الرحمن .. ياترى أيه اللى حصل خلاها تعمل كده
طأطأ رأسه أرضا بأسف وقال بخفوت_
أنا السبب
قص عليها ما حدث بينهما فى الحديقة فنظرت له مؤنبة وقالت _
ليه كده يا عبد الرحمن.. ملقتش غير إيمان وتعمل معاها كده.. دى أمانة عندنا يابنى حرام عليك
قال بارتباك وإحساس بالذنب _
أهو اللى حصل بقى .. أعصابى فلتت مني ڠصب عنى مكنش قصدى
هاتفت زوجها
مرة أخرى وأخبرته بما حدث فثار فى ڠضب وتوقع أن تكون عادت إلى شقتهم فى السيدة زينب خرج من مكتبه دون أن يخبر أحدا وتوجه إليها.
فتحت الباب فوجدته أمامها .. أخذها بين ذراعيه فبكت .. ربت على ظهرها فى حنان وجلس بجوارها وقال_
حقك عليا يابنتى متزعليش
قالت وهى تبكى _
لا يا عمى أنت مغلطش فيا بالعكس أنت كان نفسك تلمنا حواليك لكن أظاهر أن أحنا مش مرغوب فينا
قال مشفقا_
لا يا إيمان متقوليش كده.. ده انتوا عندى أحسن من عيالى.. ده البيت ده ليكوا قبل ما يبقى لولادى يا بنتى
قالت بصوت باكى _
معلش يا عمى أنا مش هقدر أرجع هناك تانى .. أنا أقعد فى جحر بس بكرامتى
عقد حاجبيه وزاد سخطه على ولده وقال بانفعال_
وكرامتك متصانة يابنتى وأنا هجبهولك لحد عندك يعتذرلك واعملى فيه اللى أنت عاوزاه
حركت رأسها نفيا وقالت_
مش عاوزه حد يعتذرلى .. معلش يا عمى سبنى هنا كام يوم أريح أعصابى وبعدين نبقى نتكلم
حاول ترضيتها قائلا_
حتى لو أنا أتأسفتلك يابنتى بالنيابة عنه
قالت إيمان بحرج بالغ _
لا يا عمى أرجوك متعملش كده وبعد أذنك متقولش حاجة لإيهاب .. حضرتك عارف أنه حمقى وممكن يكبر الموضوع .. أنا هقوله أن المشوار من المدرسة للبيت عند حضرتك متعب شوية خصوصا أننا عندنا أمتحانات شهر وبنروح بدرى وبنمشى متأخر وهقوله أنى هقعد هنا لحد ما الامتحانات دى تخلص
أسند رأسه إلى راحة يده وهو يقول بضيق _
يعنى كمان عاوزه تقعدى لوحدك هنا
أمسكت بيده وقالت برجاء _
معلش يا عمى سبنى على راحتى.. وبعدين شغل إيهاب ومريم مش هيسمحلهم يخبطوا المشوار ده كل يوم لكن أنا سهله .. المدرسة قريبه من هنا
حاول معها كثيرا ولكنها لم تتراجع فاضطر أن يسمح لها بالبقاء يومين لا أكثر
فى المساء ذهب إليها إيهاب ومريم كان إيهاب غير مقتنع بما تقول فنظر لها بتمعن قائلا_
يا إيمان أنا مش مقتنع باللى بتقوليه ده أمتحانات شهر أيه اللى تقعدك هنا لوحدك
حاولت أن تخفى تعابير وجهها وهى تقول _
معلش يا إيهاب سبنى براحتى .. أنا كده هبقى مرتاحة أكتر.. ولما الامتحانات تخلص هرجع تانى ان شاء الله
جلس بجوارها قائلا_
وفجأه كده من غير ما تقوليلى
أبتسمت أبتسامة زائفة وقالت_
منا قلت أهرب بقى قبل ما تمنعنى
نظر لها بعمق محاولا سبر أغوارها _
والله !! .. وفكرانى هصدقك.. ده أنت توأمى يا إيمان يعنى أحس بيكى من قبل ما تتكلمى
لمعت عيناها فقاطعتهما مريم قائلة_
لو مصممة يبقى هنقعد معاكى ماهو مش معقول نسيبك هنا لوحدك
أبتسمت لها ايمان وقالت_
ياسلام بقى الست البرنسيسة هترجع تقعد هنا تانى
بادلتها مريم الأبتسامة وقالت _
يالا بقى معلش كلوا بثوابه
إيمان_
طب والشغل يا مريم
شعرت مريم بحيرة وقالت بحزن _
لا أنا مش هروح الشغل ده تانى
قال إيهاب متعجبا_
ليه أنت كمان.. حد زعلك ولا ايه
تكلمت مريم وهى تستشعر مشاعر متناقضة وقالت _
لا يا إيهاب متقلقش .. انا بس حاسة أنى أهملت مذاكرتى وعاوزة أرجع أذاكر تانى وأحضر محاضراتى .. متنساش أننا عندنا عملى ولسه كمان فى تدريب فى الصيف عليه درجات
قائلا_
أحبك وأنت عاقلة كده ..
قالت إيمان بطريقة طفولية _
ياسلام 
وهو يقول فى حنان_
ربنا يخاليكوا ليا يارب ... أيه فيلم الحرمان اللى احنا
عاملينه ده
نظرت إيمان إلى مريم نظرة ماكرة وأشارت لها مريم .. واحد ..اثنين ..ثلاثة .. وفجأه انقضوا عليه باللكمات .. ظل يجرى منهما فى مرح ويقفز من المقعد للمائدة وهما يلاحقانه بضحك هستيري !
دخل الحاج حسين إلى غرفة عبد الرحمن ووقف أمامه وقال فى ڠضب_
ولاد عمك كلهم هيقعدوا هناك مع إيمان.. شايف انت عملت ايه .... اللى أنا تعبت فيه جيت فى لحظة هديته
نهض ووقف أمام أبيه فى حزن شديد وقال_
أنا آسف يا بابا.. والله ماكنت أقصد أى حاجة من اللى حصلت دى.. أنا خرجت عن شعورى
أكمل والده بانفعال متجاهلا حديثه_
عارف البنت قالت لاخوتها أيه.. قالتلهم أنها قاعدة هناك علشان أمتحانات الشهر بتاعة مدرستها .. مجابتش سيرتك خالص طلعت أحسن منك يا عبد الرحمن
جلس عبد الرحمن إلى فراشه وډفن رأسه بين كفيه فى حزن عميق نظر له والده فى شفقة ولان صوته قائلا_
كل ده ليه يابنى.. الدنيا مبتوقفش على حد .. أنت لسه فى عز شبابك ولسه ياما هتشوف يابنى أنت عاقل ولازم توزن الأمور أحسن من كده .. ولا زم تعرف تفرق بين الغث والثمين ووضع كفه على رأسه فى حب وقال _
أنا عارفك يا عبد الرحمن.. أنت راجل يابنى وهتعدى أى محڼة قدامك وهتبقى أقوى من الأول مليون مرة .... يابنى الضړبة اللى متكسركش هتقويك .. وانت عضمك ناشف .. ده انت اللى هتشيل الشيلة كلها من بعدى يابنى
تناول كف أبيه وقبله وقال_
ربنا يديك طولت العمر يا بابا.. ده احنا من غيرك منسواش حاجة .. أرجوك متزعلش مني أوعدك أنى أرجع لحياتى تانى أقوى من الأول
وعد يا عبد الرحمن
وعد يا بابا
وقف والده وهو يقول _
ربنا يبارك فيك يابنى.. أنا كنت عارف أنك راجل وأنك مش هتعمل غير كده
أنتبه عبد الرحمن فجأة وكأنه قد تذكر شيئا فنظر إلى والده وقال_
متعرفش يا بابا المدرسة اللى إيمان بتشتغل فيها أسمها ايه
فى الصباح دخل يوسف مكتبه ولكنه لم يجد مريم فظن أنها ستأتى متأخرة وبعد حوالى الساعة أتصل به والده وطلب منه الحضور إليه قطع يوسف الممر إلى مكتب والده ودخل إليه فأشار له بالجلوس وهو يقول_
أقعد يا يوسف
وبدون مقدمات قال_
ها قولى بقى عملت أيه فى بنت عمك انت كمان
قطب جبينه وقال _
يعنى أيه يا بابا مش فاهم قصد حضرتك
قصدى مريم يا يوسف .. زعلتها تانى ليه هو انا مش هخلص من مشاكلكوا دى
وأكمل بانفعال_
مريم كلمتنى وقالتلى انها مش هتشتغل معاك تانى.. ولما سألتها ليه قالتلى على اللى عملته فيها وصممت مترجعش تانى وأتحججت بمذاكرتها والمحاضرات
يا بابا هى اللى ابتدت وأنت عارفنى مبحبش أسيب حقى
أنفعل الحاج حسين قائلا_
هو انا مش هخلص من حركات العيال دى.. انا مخلف رجاله ولا عيال فهمونى هو احنا فى شركة ولا فى حضانة
حاول يوسف أضافة بعض المرح مع الأعتذار فقال _
أنا آسف يا بابا خلاص أوعدك مش هضايقها تانى.. ولو عملتلى حاجة هبعت جواب لولى أمرها اللى هو حضرتك طبعا ولو هى أشتكتلك مني أبقى ذنبنى على السبورة
أبتسم الحاج حسين لمزاحه وقال_
مش لما ترضى ترجع تشتغل معاك تانى يا فالح ...
قال يوسف بأسلوب استعراضى _
أطمن يا بابا انا هعرف اخليها ترجع الشغل تانى
أشاح حسين بوجهه وقال بمكر_
دى مش طايقة تشوفك .. ومهما عملت مش
هتصفالك .. انا متأكد انك مش هتقدر
نهض يوسف بشغف وقال بتحدى _
ماشى يا حاج أفتكر بس الكلام ده علشان لما تلاقيها رجعت تتأكد انى أقدر ولما بحط حاجة فى دماغى بعملها .. ماشى
قال حسين بعدم اكتراث مدروس _
طب يالا روح شوف شغلك.. لما نشوف
أنصرف يوسف وبمجرد أن أغلق الباب خلفه ابتسم والده .. فهو يعلم جيدا أبناءه ويعلم الطريق إلى قلب كل منهم ويسلك هذا الطريق فى ذكاء شديد.
جلست إيمان فى المساء على فراشها وهى تنظر إلى الزهرة المسكينة التى ألقى بها على الأرض وتناولت الكوب الذى وضعتها به وجعلت تنظر إليها فى شفقة وهى تتخيل شكلها وهى تدهس بالأقدام .. مررت عليها أطراف أصابعها فى رقة وتهمس لها همسا _
متزعليش مش كل الناس معندهاش رحمه زيه
رفعت مريم الوسادة من فوق رأسها وهى تقول بتثاءب_
بتقولى حاجة يا إيمان
ألتفتت إيمان إليها قائلة_
لالا نامى انت
نظرت لها مريم بشك قائلة_
ازاى بقى
انا سمعتك بتقولى حاجة
أجابتها ايمان بضجر _
أوف .. أنت يابنتى ودانك دى ايه.. ده أنت ينفع تشتغلى مقياس للزلازل .. كنت بكلم الوردة خلاص ارتحتى
مريم وهى تفتح عين وتغمض الأخرى قائلة _
والنبى أنت أتهبلتى.. بتكلمى الوردة !
ألتفتت إليها إيمان باستنكار قائلة _
أيه والنبى دى .. لما تحلفى احلفى بالله .. قولى لا اله الا الله
رددت مريم بصوت ناعس _
لا اله
تم نسخ الرابط