رواية عصي الهوى للكاتبة نرمين همام

موقع أيام نيوز

لم ترسم على الأقل بعد غروب الشمس لأنه لم يكن هناك ضوء من النوافذ.
لا أجابت بتبجح  تجاوزت السخرية وهي سمة جديدة أخرى فيها. وقع الضوء على وجهه. لكن لم يكن
من السهل أبدا معرفة ما يمكن وما لا يمكن أن يحصل عليه المرء.
لماذا تعذبى نفسك  سألها. 
نظرت إليه  نونا  وأجابت بتمعن
كنت أتساءل لماذا يبدو الناس مصممين على ټدمير بعضهم البعض لكن  أعتقد أننا نفعل ذلك بأنفسنا.
انحنى  ياسين  بحذر على إطار الباب وأمالة رأسها للخلف. في ظل التعقيدات الدقيقة لهذا الرجل كانت إحدى السمات التي كانت  نونا  تراها وتفهمها دائما هي إحساسه الشديد بالحماية وقد آذته حتى النخاع لأن الشيء الوحيد الذي لم يستطع حمايتها منه هو نفسها.
لم تكن  نونا  تعلم أنها يمكن أن تكون قاسېة للغاية في ألمها.
أنا ألوم نفسي على ذلك صرح بذلك و كان هذا الرجل ضعيفا تماما في تلك اللحظة وشعرت  نونا  پألم قلبها وفوق كل شيء كانت الحالة المزاجية لها نابعة من لحظه .
أراك تعرف بالضبط ما أعنيه.  ضحك بحنان تقريبا. تعمقت الخطوط حول عيون  ياسين .
قال  ما كان يجب أن أحضرك إلى هنا أبدا  ما كان يجب أن أتظاهر بهذه اللوحة اللعېنة أو أن أضغط عليك كثيرا في عملك 
لقد أصابها الألم الشديد وجعلها تبكي .
هل سئمت مني بهذه السرعة 
كان التعبير في عيون  ياسين  مؤلمة . لقد نظر إليها فقط وانهار كل شيء
لم يتبق له شيء لمواجهة الحبيب عندما كان في أمس الحاجة إلى الصديق.
وعيناها تنظران  بتعبير ضعيف سألت
ياسين كيف تتوقف عن الرغبة في شيء لا يمكنك الحصول عليه أبدا 
أوه  نونا  ومدت ذراعيها له. وضعت أصابعها على فمها لخنق الأنين الذي خرج من حلقها وتحركت بشكل أعمى حتى شعرت بنفسها بين ذراعيها مما يدفعها ذات يوم بعيدا.
كان من المستحيل لا يمكن تصوره. كيف يمكن للعقل أن يأوي مثل هذا الاختلاف الشاسع كيف يمكنه أن يداعب وجهها برفق شديد مدركا المستقبل الذي يخبئه لكليهما كيف يمكنه تقبيلها بكل هذا الشعور بهذا الشغف دون أن يلاحظ ألمها الشديد القادر على دفع أي شخص إلى الجنون
بقلم نرمين عادل همام
قصص نيمو

الفصل السادس 
اضطر  ياسين  إلى المغادرة في وقت مبكر جدا من صباح اليوم التالي
استيقظت وكانها قد كان حلما جميلا فقد ابعدتها قبلته أمس إلى دنيا الاحلام ولكن مثل كل الأحلام انتهت. استيقظت وجلست تفكر  .
كان لكل شخص حدوده وقد اكتشفت للتو حدودها. إذا كانت أكثر صبرا أو حتى أكثر عنادا فقد تظل قادرة على القتال من أجل حب  ياسين لكنها لم تكن تمتلك تلك القوة العاطفية. ومع ذلك يمكنها تقديم تنازل. لقد أحبت  ياسين  واحترمته وكانت ممتنا جدا له ولصراحته لها سيكون هروبها بمثابة جبن منها  بعد كل الوقت والمشاعر التي تقاسموها . لقد كانت مدينة له بذلك وهي مدينة ل  باسل  بشرح لما حدث في اليوم السابق حتى لايقلقل الصغير عليها فقد احبته بصدق وأدركت كم هو مظلوم في هذه الحياة ووحيد في ذلك القصر .
فكرت في ركوب تاكسي والذهاب إلى  ياسين  في وقت لاحق من ذلك المساء ولكن بعد الغداء اتصلت سكرتيرته لتخبرها أنه يتعين عليه السفر بشكل غير متوقع وسيعود في غضون أيام قليلة. لذلك حاولت التحلي بالصبر. بضعة أيام من الانتظار لن يضر. كما فعلت مع كل المشاعر التي مرت بها خلال الشهر الماضي رسمت  نونا  صبرها على اللوحة باستخدام اقلامها
حكت لباسل كل ما حدث لها أمس بسبب الحالة التى كانت بها وذلك  عندما عاد إلى المنزل من المدرسة وأخبرته أنها ستغادر قريبا .
بكى الطفل الأمر الذي أثر عليها كثيرا وظلوا مستيقظين يتجاذبون أطراف الحديث حتى وقت متأخر من الليل. من وقت لآخر نظرت  نادية  إلى الخارج ورأت الرأسين قريبين من بعضهما في غرفة المعيشة . 
وفي اليوم التالي لم ينهض باسل  للذهاب إلى المدرسة لكن نادية مديرة المنزل لم تقل كلمة واحدة.
مر أسبوع دون أي كلمة من  ياسين حتى بعد ظهر احد الايام فكرت  نونا  بقلق أنها كانت متأكدة من أنه سيعود في اليوم التالي. لم يكن يعرف ما إذا كان بإمكانها الانتظار أكثر من ذلك لأن لوحتها  قربت على الانتهاء مع مرور كل ساعة من ساعات اليوم.
كان باسل  يساعدها في التخلص من متعلقاتها في المكتب بعد الظهر عندما سمعوا فجأة صوت الإطارات الخاصة بعربة ياسين ونظروا إلى بعضهم البعض.
أعلنت  نونا  لقد عاد وأومأ باسل  برأسه لأسفل. كلاهما يعرف أن هذه كانت النهاية

مكثت هناك لكن لا بد أنه مضى وقت طويل حيث كان الظلام بالفعل بالخارج عندما طرق شخص ما على الباب. كان الضجيج مرتفعا جدا في الصمت لدرجة أن  نونا  قفزت ثم تجمدت تحسبا. سمعت طرقا على الباب مرة أخرى ومن بعيد سمعت صوت  ياسين .
لم تتفاجأ. لم تكن تتوقع منه أن يصدق الرسالة التي أرسلها لها مع باسل لأنها لم تعمل في العطلات عندما كان هناك وكانت دائما موجودة  لتوديعه. متمردة  نونا  أنزلت أحد خديها على الأرض وبكت لن تنزل لتتظاهر لإخفاء مشاعرها وترى  ياسين  يفعل الشيء نفسه. عندما طرق مرة أخرى وبإصرار انطلقت صړخة من حلقه
اخرج من هنا!  حيرتها رد فعله لأنها لم تتكلم هكذا من قبل.
بعد لحظة سمعت صوت  ياسين 
أردت فقط أن أخبرك أنني لن أعود الى العمل الليلة وسأراك عندما تنتهي. 
كان ينوي العودة حتى بدأت  نونا  تظهر عليها علامات التوتر الداخلي. لقد كان شديد الشفافية ... ارتجفت  نونا  من الڠضب سواء منها أو تجاه نفسها. هذه المرة لن تركض إلى جانب  ياسين  وبدلا من ذلك ستحاول تحمل بعض الكرامة. حان الوقت لمواجهة بعض الحقائق غير السارة. لقد أحبته كثيرا ولم يحبها أبدا. لم تكن هذه نهاية العالم. يا إلهي ولكن هذا ما شعرت به
وفقدت السيطرة على عواطفها. أخيرا تمكنت من السيطرة على نفسها ولم تستطع فعل أي شيء آخر. لم تستطع البقاء هنا إلى الأبد. قامت
ونزلت بهدوء إلى الطابق السفلي. كان الظلام في الخارج ممېتا.
رأت الشكل النحيف الذي يتكئ على الباب المفتوح محددا في الضوء المتدفق من الغرفة استشعرت شيئا لا مفر منه مشيت  نونا  ببطء نحو  ياسين . شعرت بالانكشاف وعرفت أن عيني  ياسين  أخذت في كل جانب من مظهرها وقيمت ما حدث. لكن نظرة الفتاة كانت ساخرة عندما اقتربت منه. كانت سريعة التعلم وحبها له علمها أن تتقبل كل المشاعر الفرح الألم  عرفت أنه سيربط ما رآه فيها بأشياء أخرى لكنه لن يخمن الحقيقة أبدا
لم يعرفوا أنه سيكون شيئا آخر. تبع  نونا  الصبي من أسفل الدرج وخرج من الجراج ولكن عندما اقتربا من الزاوية توقف كلاهما في مفاجأة لرؤية اثنين يخرجان من السيارة . كان السائق  ياسين بالطبع كئيب ومنهك مرتديا بنطالا وقميصا غير مرطبان من الواضح أنه قاد سيارته لمسافه كبيرة لكن  نونا  بالكاد رأته

قبل أن تستطلع الأصغر سنا. تقدمت الفتاة خطوة إلى الأمام ودقات قلبها تتسارع جمال 
أضاء وجه شقيقها وحياها مبتسماوفرحا 
مرحبا أيها الوسيم  .
 جمال! . ركضت دون أن تدرك ذلك حتى سقطت في أحضان شقيقها الذي حملها وأدارها مع انه الاصغر منها إلا أن بنيته الجسمانيه كانت كبيرة اما هى فقد هزلت وفقدت وزنها مع الوقت .
توقف  جمال فالتقطت أنفاسها ثم تعاملت مع الأسئلة المنطقية الأولى
ماذا تفعل هنا  كيف قابلت  ياسين هل حصلت على هدية عيد ميلادك التى ارسلتها اليك 
نظروا إلى بعضهم البعض مبتسمين ولكن بعد ذلك استعاد شقيقها جديته وبتعبير عنيد وضع وجهها في يديه. نعم شكرا لك استلمت هديتك اما كيف قابلت  ياسين  فقد جاء إلينا كما جاء سابقا . أما بالنسبة لما أفعله هنا فقد جئت لأقنعك بالعودة إلى المنزل معي إذا كان ذلك ممكنا.
ما فعله  ياسين  كان بسيطا ومحيرا. لم أستطع تصديق ذلك نظرت من فوق كتفها إلى  ياسين الذي  كان يراقبهم بصمت من مسافة قصيرة ويداه في جيوبه. ثم ذهب باسل  إلى خاله 

هل أحضرت هذا الرجل ليأخذ  نونا  بعيدا لكنها كانت تفكر بالفعل في المغادرة!
رأت  نونا  التعبير الباهت في عيون  ياسين لم تعد تفهم شيئا ولم تفهم أنه فعل شيئا كهذا. لم تدرك أنها كانت تهتز مثل ورقة الشجر حتى أجبرها  جمال على النظر إليه وسألها بصوت واضح وحازم
 نونا أحتاج إلى التحدث إليك . هل يمكننا الذهاب إلى مكان ما خاص
لم تستطع رؤية تعبير أخيها لأن عينيه أعمال بالدموع.
أجاب  نعم محاولا يائسا السيطرة على نفسه. الشقة فارغة. يمكننا الذهاب إلى هناك إذا كنت تريد.
أين هو  نظف  جمال دموعها بلا مبالاة.
هناك فوق الجراج .  أنا ... سوف أرشدك  . كانت  نونا  في حالة صدمة عميقة. مشت بتردد إلى الجراج وصعدت السلم بطريقة ما. ثم وقفت في وسط الغرفة الفسيحة التي تفوح منها رائحة الطلاء وشعرت بالضياع.
لكن  جمال الټفت إليها وتحدث بشكل عاجل
 نونا كلنا قلقون عليك. تريد أمي ونانيس  معرفة موعد عودتك إلى المنزل وأريد أن أعرف أيضا. أفتقد الأخت التي كانت رفيقتي الوحيدة  أريد فرصة للتعرف على هذه المرأة الشابة الجميلة التي أصبحت عليها. ما زلت لا تتعب من العيش في الخارج لإثبات نفسها 
كانت قد سمعت نفس الخطاب بأشكال مختلفة من شفاه أفراد الأسرة المختلفين منهم عمتها  بدلا من ذلك ركزت على ما كان يسبب لها الكثير من الألم وتمتم
كيف يمكن أن يفعل  ياسين  هذا بي  إذا كنت تريدني أن أذهب فلماذا لم تخبرني فقط
تغير تعبير  جمال وظل صامتا لبرهة طويلة. كان كل شيء في صمت. لم تكن هناك رياح في ذلك اليوم ولم تكن هناك ضوضاء فقط نقيق طائر من حين لآخر.
ثم تحدث شقيقها بهدوء
نونا لا أستطيع أن أكذب عليك  ياسين  لا يستحق ذلك. عندما وصل إلينا قدم نفسه على أنه الرجل الذي وقع في حبك وأراد أن يطلب منك الزواج منه. كانت مفاجأة كبيرة. وافق  ياسين  على السماح لي بالسفر معه. احترمه كثيرا أعتقد أنني لم أكن لأمتلك هذا النوع من القوة.
رفعت  نونا  رأسها. لم تصدق عينيها والأمل العبثي ونوع من الڠضب في عينيها وعلى الرغم من أنها كانت امرأة صغيرة إلا أن الدراسة الواسعة بدت فجأة غير كافية.
هل قال لك ذلك
اتسعت عينا 
تم نسخ الرابط