رواية عصي الهوى للكاتبة نرمين همام
المحتويات
يكفي لتقديم جانبها الناعم في إيماءة صداقة لكنها لم تعتقد أنها كانت ناضجة بما يكفي لقبول ذلك. ولا يمكنني العيش بدونها أيضا. وهي مقفرة فكرت في الابتعاد عن الاسكندرية. عاجلا أم آجلا. لكن تعافت يداها ويمكنها الآن العودة إلى العمل. استدارت بعيدا عن الباب وتجولت في الغرفة. لم تستطع المغادرة غدا وتتطلب المغادرة بعدها . لكن ماذا عن باسل كيف يمكنني أن أقول وداعا لتلك العيون الواثقة بي
جاء صوت ياسين من الشرفة أنت بحاجة إلى شخص أكثر لطفا مما أستطيع أن أعطيه لك .
أصابت المفاجأة والألم أعصابها المتوترة بالفعل. لم يكن ېؤذيها أكثر إذا حاول عمدا.
اخرج من هنا! طلبت بصوت عال.
لكن الخطى والصوت كانا أقرب حتى جاء من خلفها.
أنت بحاجة إلى شخص لا يتدخل في حياتك المهنية ولن يشعر بالغيرة من هذا التركيز الشديد الذي يأخذ كل شيء من عقلك عندما تعمل.
كان وراءها فجأة.
فقال أنت بحاجة إلى شخص يحبك بما يكفي يستطيع أن يتغاضى عن تلك الطفولة التي ما زالت بك.
ثم الټفت كي يغادر الغرفة إلا أنه وجدها ترتعش من البرد.
فأشعل المدفأة لها ووقف بحركة سريعة واحدة ثم سارع بالخروج وقام بإغلاق باب الشرفة.
ثم قامت واستبدلت ملابسها بملابس النوم ورفعت الأغطية وانزلقت في السرير كم تتمنى أن يرشدها احد لكن الأوان قد فات فإنها قد تعلقت به بالفعل.
وارتدت ملابسها اختارتها بعناية حتى لا تشاهد نظرة الغرور التي شاهدتها أمس وهي آتية من الخارج تلك النظرة التي ألقتها عليها منى بتكبرها الغريب.
تناولوا الفطور فيما بعد مع الآخرين. كان باسل قد نزل مبكرا جدا كانت عيناه مشرقة وشعر مرتب ويرتدى ملابس منسقة الألوان قال ان جدته أرغمته على ارتدائها.
بينما كانت تأكل بعض الفطائر المغطاة بالزبد والعسل واصلت كلامها مع حسين.
نظرت إلى ياسين بذهول كما لو أنها لم تره من قبل ثم عادت عادت ونظرت إلى نونا كان هناك بريق جليدي غاضب في عينيها تجمدت ملامحها المثالية.
بعد وجبة الإفطار قرروا حضور حفلة خيرية تقيمها إحدى المؤسسات. كان ياسين يقود سيارته التي كان بها متسع للجميع ومع أن الجميع افترض أن نونا ستكون في المقعد الأمامي إلا أنها أعطت منى المكانة بحركة بارعة. لم تستطع السيطرة على قلبها تحت نظرة ياسين الثاقبة واستغرق الأمر كل إرادته للبقاء هادئا.
كانت تعلم أنها يجب ألا تسمح له بأن يكون متسلطا عليها لأن ذلك سيكون نهاية علاقتهما على المدى الطويل. لم يكن جانب ياسين اللطيف والصبور مصدر احتياطيها فحسب بل كان عليها أيضا أن ترضي جانب الغرور لديه وإلا فسيموت الحب وسيبتعد.
إذا كان يريد زوجة عاقلة صبورا فسيكون متزوجا بالفعل لكن ياسين كان بحاجة إلى زوجة عاقلة أرستقراطية تتماشى مع مكانته وكانت هي بحاجة إلى كل جزء من شخصيتها المستقلة والعملية.
عندما صعد حسين ونونا وباسل إلى المقعد الخلفي جلست خلف مقعد السائق واضطرت إلى مقاومة نظرات ياسين الشديدة وهو يغلق الباب ويجلس خلف عجلة القيادة.
أصيب جزء منه بالصدمة. وكان رأسها يتجه طفيف نحو حسين وهو يجلس بجانبها يتحدث مع باسل.
كان ياسين ينظر إليها في المرآة الخلفية للسيارة غاضبا.
شعرت بأنها محاصرة منه.
استمر تبادل النظرات بينهم بضع ثوان فقط وهو وقت كاف لحسين لإنهاء حديثه ومنى للرد عليه وباسل للتحول في مقعده بلا كلل.
هل نحن لسنا مستعدين بعد سألهم.
أنا آسف
وجهت نونا انتباهها لمنى التي كانت نظراتها غير مفهومة.
في البداية نظرت منى إلى نونا بازدراء وذلك أغضبها لأنها قللت من شأنها. قررت نونا أن هذه المرأة كانت تحقق معها بطريقة ما وأصبحت قلقة.
كان الحفل مزدحما للغاية واستغرق الأمر وقتا طويلا يشقوا طريقهم عبر المناضد. خلال ذلك الوقت كان تيار خفي يتدفق بين ياسين ونونا ويتجلى في النبرة الصارمة لصوته و التلألؤ في عينيها. وأخيرا جلسوا لشرب القهوة والحلويات على إحدى المناضد. طلب باسل الحلوى والفطائر الصغيرة المليئة بالعسل كما صمم على طلب لقمة القاضي لأنه طلبها كثيرا فى المنزل من نادية وهي لم تستجب له.
واستسلمت نونا لقطعه مالفي كبيرة مليئه بالشيكولاتة وأكلت بتلذذ كالأطفال فنظر إليها حسين وياسين نظرات فرحة متسامحة أما منى فنظرت إليها بسخرية وتعال. لاحظتها إلا أنها تجاهلتها فمن الممكن أن تناديها وتقول طنط إلا أنها لا ترغب فى إثارة المشكلات.
ما أزعجها هو أنها عندما التفتت إلى ياسين قابلت عينيه اللتين هددتها بالا تفتعل اى مشكلة.
وعندما انتهت مد ياسين يده ببطء ولف وجهها وأجبرها على الالتفاف نحوه. وفي حيرة امتثلت نونا له فوجدته اخرج منديلا ورقيا ومسح بعض الشيكولاتة من خدها وعندما قابلت عينيه احمرت خجلا وضحكت بصمت.
كان باسل ينفد صبره مع الزحام وسرعان ما سيطلب منهم العودة إلى المنزل. ستوافق منى على الفور حيث كان لديها تعبير وجه متجمد ومتصلب من شدة الڠضب .
وبعد فترة وجيزة من عودته كان حسين يحاول جعل منى تفقد رباطة جأشها واعتقد باسل أنه كان يستأثر باهتمام ياسين وكانت نونا تحدق بتمعن خارج نافذة السيارة. عندما وصلوا أرسل باسل إلى غرفته وتوجهت نونا إلى الغرفة الخلفية.
كان لديها الكثير لتفكر فيه وكثير من الأشياء لتقريرها. كانت تعلم أنها وقعت في حب ياسين في وقت مبكر جدا لكن كان عليها التحلي بالصبر والانتظار حتى يقع هو في حبها. كانت المشكلة كم من الوقت يجب أن أنتظر شهور سنوات اجتاحها الخۏف وعدم الثقة
لأنها لم تستطع العيش مع الشك وعدم اليقين هذا.
استدارت نونا نحو الباب كما ظهر ياسين . اختفت كل أفكارها وخانتها دقات قلبها مرة أخرى.
لم يتكلم إنما قال لها تعالى معي فاستسلمت وخرجت وعندما قادها إلى الجراج وهو في مبنى منفصل عن المنزل أخذ ياسين مفتاحا من جيبه وفتح الباب فوجدت في مقابلتها سلم . صعد كلاهما إلى الطابق العلوي ونسيت نونا استنتاجاتها عندما اندهشت وأخذ ما رأته أنفاسها.
كان عمل رجب الغامض في المنزل خلال الأسبوع الماضي وقد نسيت تماما تم الانتهاء منها مؤخرا.
.
لقد خطط ياسين لهذا من قبل فترة طويلة قبل أن تعرف أنها تحبه كانت مصډومة وخائڤة.
هل كان واثقا منها أم كان متعجرفا جدا أي احتمال خطړ بباله.
راقب تعابير وجهها ورأى فيه الخۏف.
لقد أصدرت تعليمات ل رجب بالقيام بذلك قبل مغادرتي.
هذا ما كنت أتساءل عنه
. ابتعدت عنه وتظاهرت بدراسة الشقة لكنها وضعت يدها في فمها.
أنا لا أفهم اعترفت أخيرا وهي لا تزال خائڤة. كان هذا مختلفا عما عرفته عنه. هل ستكون الأمور كما كانت تتصورها
أجاب ياسين لا أعرف استبدل التوتر في صوتها بشيء أكثر . اللطف والحزن.
هناك مساحة وخصوصية وإضاءة وأمان وإذا نظرت حولك سترى أنك مرحب بك. هل تودى العمل هنا
طلب منها ألا تسأل عن أسبابه ولكن لماذا
وغطت وجهها في ارتباك. جانبان في هذا الرجل أحدهما عاطفي.
طرفان غير متوافقين ودائما في صراع. لم يكن يريد أن يعتقد أنه إذا رفض تلك الدعوة فسيتوقفان عن رؤية بعضهما البعض.
كان هناك الكثير الخصوصية والأمان . الكلمات كانت له لا لها. وكان هناك هذان الجانبان القوة والرفق وأحبها بلطف. كان نفس الخلاف القديم فيه واتبعت نمطا مألوفا متى جاء التحفظ ثم الانسحاب ثم ... النهاية كان من الخطړ البقاء. لكن كانت لديه أسبابه وكان الوقت والمال الذي أنفقه على تلك الدراسة دليلا كاملا على ذلك.
الفصل الخامس
لقد أرادت معرفة أسباب ياسين للبقاء لذلك تطلب الأمر كل شجاعتها لرفع رأسها والالتفات إليه للنظر إليه.
أعلنت سأبقى لكن موقفها أخبر ياسين أنه كان ينحني لرغباتها دون امتنان ثم أضيفت مع تلميح من الوقاحة في الوقت الحاضر .
تصلب وجه ياسين الوسيم وعيناه تلمعان وهما يحدقان ببعضهما البعض ممزقة هى بين قلبها وعقلها.
تستمر وتبقى وعندها ستبقى للأبد هي كانت تعلم ذلك ام ترحل وعندها سترحل للأبد أيضا.
هي تحبه لكنها تعلم أنها ستعيش حياة صعبة مع عقله وفارق السن اى نعم هو يحبها لكن يحبها كأنثى كامرأة أم كلوحة فنية أو انتيكة من الأنتيكات التى يقوم بشرائها.
لو بقت توعد نفسها أنها ستكون أم وسند لباسل لأنه يتيم هى تيتمت وهي كبيرة أما هو فصغير ستقوم برعايته ورعاية والدتها وأختها وأخيها الصغيرين وهذا أيضا سيكون سببا في بقاءها هنا.
أخرجها ياسين من شرودها
قال ياسين بهدوء إذن قولي لي استقريتى على اى قرار
أعطت الدموع غير المتساقطة نونا القوة للابتسام بجرأة.
حسنا .
في اليوم التالي و بعد الإفطار اعتذر ياسين ل حسين و منى وسار مع نونا إلى المكتبة التقطت مجموعة من الرسومات وقلبتها بعصبية. قالت لنفسها إن تلك الرسومات سخيفه لانه شغل فكرها عن عملها لأنها لاحظت تغييرا فى معاملته.
عندما دخلوا الغرفة وجلس على كرسي . لقد رحل الرجل المحب الحنون والعاطفي وحل مكانه رجل الأعمال البارد. عرفت نونا أنه على الرغم من كل ما يحمله لها من مشاعر إذا كان عملها لا يتوافق مع شروطه فإن ياسين يخبرها بذلك.
خبأت خجلها جانبا واستدارت لتنظر إليه. . أنا آسفة لو لم تعجبك رسوماتى لقد حاولت بشدة في خلال الايام الماضية ودرس جميع مشاريعك وخطوط إنتاج شركاتك.
أجاب ياسين لا لقد عملت بشكل جيد وبسرعة وهو يمد يده لتسليم الأوراق. درست وجهه وهو يتصفحها ببطء
لدى منير العينات في مكتبه إذا كنت تريد رؤيتها.
هل هى مناسبة أم تريدني أن أرى ما إذا كان بإمكاني ابتكار شيء آخر
سألت بقلق.
فجأةترجع رجل الأعمال بينما ابتسم ياسين سعيدا وشعرت نونا بان الوقت قد وقف على ضحكته التي أخذت أنفاسها .
وأكمل كلامه قائلا إنها جميلة جدا لقد أبدعت .
متابعة القراءة