رواية عصي الهوى للكاتبة نرمين همام
المحتويات
بسم الله وصل الله على نبينا الهادى محمد وعلى اله وصحبه وسلم
عصي الهوى
الكاتبة نرمين عادل همام
قصص نيمو
المقدمة
عندما كسرتها الظروفواليأس حينما فقدت الأمل تماما وذبل قلبها قبل أوانه ولم تحتاج أن تبوح لأحد بمكنون قلبها من يأس وعذاب.
إنما بكت من دون دموع وصړخت واستغاثت بصمت.
إلا أنها كانت على قيد أمل دائما إنها ستنصف في يوم من الأيام.
الفصل الاول
إنها الفتاة نوبية!
نوبية الفتاة السمراء البنية العينين ذات الشعر المجعد شديدة السمار.
إنها ابنة محافظة أسوان حفيدة الفراعنة كما كان يقول لها أبيها.
نوبيه إدريس سليمان
أتت للإسكندرية موطن والدتها لتدرس بالجامعة وتقيم لدى جدتها لأمها إلا أن زوجة خالها قد أذاقتها الأمرين فكان على الفتاة أن تذهب إلى الجامعة ثم تعود كي تنظف الشقة لزوجة خالها بل وأيضا تحمل الصغار وتستذكر معهم دروسهم والأكثر إنها كانت تعطى لهم نقود كي تجلس معهم بالبيت.
_ نعم أنا يا زوجة خالي.
_ جميل أن أتيت مبكرا. لأن لدى كومة كبيرة من الملابس المتسخة الخاصة بالصغير أريدك أن تقومي بغسلها سريعا ثم نشرها كي تجف قبل أن يحل للصباح.
كل هذا وجدتها ما بيدها أية حيلة.
فنصحتها صديقه بالمكوث في إحدى بنسيون يقع في ميدان المنشية تقيم به بعض الطالبات المغتربات.
إلا أن الظروف قد أتت بما لم يكن في حسبانها لقد ماټ أبيها وأصبحت الأسرة لا تستطيع التكفل بمصاريف الفتاة وقد كانت تنتوي الرجوع الدائم إلا أن والدها وقبل ۏفاته أوصاها أن تكمل تعليمها.
فعملت كمندوبة مبيعات لشركة صغري لبيع معطرات المنازل.
عندما لف حولها ذراعا قويتان صړخت نونا باليأس.
أمسك الرجل بكتفيها وهزها ثم أطلقها وكأنها مصاپة بمرض جلدي معدي.
تحكمي في نفسك يا فتاة! طالبها بذلك بصوت غاضب
لقد اصطدمت بك بالصدفة
شعرت نونا أن ساقيها لا يستطيعا حملها وسقطت على الأرض ثم نظرت إلى الأعلى. لم يكن الرجل الذي اصطدمت به من بين الاثنين اللذين قاموا بجرها إلى الزقاق الضيق المظلم لمهاجمتها لسرقتها أو الاعتداء عليها.
فقالت له وهي تجلس أرضا لا تذهب أنا في ورطة.
ومسحت يدها على وجهها كي تزيل تلك الدموع تاركة أثرا مبلل على وجهها. من فضلك تمتمت ثانية أنا في ورطة فعلا كما قلت لك.
وظهرت آثار للدماء على وجهها آتية من يدها عندما مسحت دموعها.
وأكملت لقد ضللت طريقي ورجلين كانا ورائي! كان أحدهم يركض خلفي عندما قابلتك عند الزاوية واصطدمت بك.
لا يوجد أحد الآن لكن لا يجوز أن تبقى هنا أيضا لعلهم ينظرون من مكان ما ويكون بإمكانهم العودة إليك. هل يؤلمك المشي
على الرغم من نبرة صوته الغاضبة أخرج منديلا ورقيا ومسح الډم من فوق وجهها وأخذ يديها في يده ورفع كفيها برفق. لنظر إلى الچرح فمدت أصابعها على أوسع نطاق ممكن حتى يتمكن من فحصها. كان هناك قطع في كلا الكفين من قاعدة السبابة إلى الطرف المقابل له واستمرت الچروح في الڼزيف.
حبس أنفاسه وأخذت عينيه من نظرة الدهشة فتحولت إلى الڠضب.
هل فعل هؤلاء الرجال هذا بك
فردت لقد حاولوا أن يفعلوا شيئا أسوأ بكثير! فقد تمكنت من الإمساك بمعصم يد الشخص الذي يحمل السکين وعندما حاول تحرير نفسه فعلت ذلك بنفسي أنا.
رفع حاجبيه بتعجب ونظر إلى عينيها المغرغرتين بالدموع وذقنها المرتفع بشموخ بدت كأنها مستعدة للقتال سواء كانت خائڤة من الرجال أم لا.
فقال بقوة نحتاج إلى الاتصال بالشرطة والطبيب. سآخذك إلى أقرب هاتف لأني نسيت هاتفي في السيارة.
وساعدها في الوقوف على قدميها إلا أنها ترنحت فكان لا بد أن يقوم بلف ذراعه حول خصرها لتستطيع السير.
كان أقرب هاتف في سيارته على بعد ثلاثة شوارع.
لذلك كان بإمكانها الآن التفكير بوضوح. عندما استدار لمساعدتها في ركوب السيارة كان لديها انطباع بالطمأنينة لا تعلم من أين أتى لها.
كان ينظر بحذر وهو يتفحص الشارع للمرة الأخيرة.
استقرت بالفعل في مقعدها حيث أغلق الباب للذهاب إلى جانب السائق ألقى إليها بنظرة متفحصة.
أنت لا تشعري الآن بأقل قدر من القلق بشأن كونك في سيارة شخص غريب سألها بسخرية
فكرت أنها يجب أن تكون حذرة منه ثم أجابت دون أي أثر للڠضب
إذا لم يصطدم بك فقد أكون مېتة الآن أو مڠتصبة الآن لذلك أنت طوق النجاة الوحيد أمامي الآن.
أجاب أو إنك تثقين بسهولة بالأشخاص .
أحست بقلبها ينبض. أنزل عينيه ونزع الوشاح من حول رقبته.
سألها مدي يديك.
لم تمد يدها إليه إلا إنه قد أراد أن يربط يديها. كانت تستنتج منه ما تستطيع وتتفاعل معه على نحو طبيعي. أصبح لديه الآن الرجل قدر معين من التعاطف
أمسك الوشاح بكلتي يديه.
ومدت يدها المصاپة وقام بلفها بعناية في وشاحه. ثم انحنى نحوها بحركة سريعة غير متوقعة جعلتها تغمض عينها ړعبا.
إلا أنه سحب حزام الأمان لمقعدها.
لم أكن أعلم أننا ذاهبون إلى أي مكان.
صرح بصبر نافد قد تفضلين الجلوس هنا لمدة ساعة أو أكثر حتى تصل الشرطة فكما نعلم هي دائما آخر من يصل لكنني أؤكد لك أنني لن أفعل إلا أنني لن أقف وانتظر.
بعد أن ربط حزام الأمان الخاص بها وبدء بتشغيل محرك سيارته قام بإمساك هاتفه الذي كان موضوع أمام الزجاج الداخلي وطلب رقما وقام بتشغيل السماعة الخارجية.
وسمعت صوت رجل يقول
نعم
أجاب منقذها.
هل يمكن أن تأتي إلي في منزلي بعد نصف ساعة حسين
وأرجوك احضر معك حقيبتك الطبية وأدوات لخياطة الچروح معي شخص لديه قطع في كف يده وسأكون هناك بعد خمس وعشرون دقيقة على الأقل.
صمتت وفكرت أنها لم تكن تتوقع ما حدث لها فقد اتصلت بصاحب الشركة فصمم على أن تقوم بتوزيع ما لديها اليوم حتى عندما قالت له أن الليل بدأ فهددها بالطرد واستمرت في سيرها حتى دخلت لمنطقة المنشية القديمة ولم تعرف كيف تخرج لأن الشوارع ضيقه بها.
حتى امسكها الحيوان الذي في صورة بشړ من الخلف وسحبها واجبرها على الدخول في شارع ضيق مقفل في نهايته به أبواب ورش للحدادة إلا أنها مقفلة في هذا الوقت ليلا.
اتصل بالشرطة وشرح ما حدث ورتب لشخص ما لمقابلتها في منزله فاستغربت ذلك.
ولأول مرة تتمعن في هيئته فهو ليس بالشاب الصغير في السن ولكنه في مناص الرجال شعره يميل إلى اللون الرمادي أي أنه أكبر منها بكثير وأيضا يرتدي ثيابا فاخرة.
ويتكلم كما لو كان طبيبا أو رئيس شركة ما.
كانت صامتة متحيرة من الاتجاه الذي سارت إليه الأمور وعندما سألها عن اسمها ووظيفتها وإجابته.
بأنها تسكن في بنسيون للطالبات وأنها تعمل كي تستطيع الإنفاق أيضا.
تكلمت وهي شبه مغيبة لأن عقلها كان يعمل سريعا وعينيها تتابع سير السيارة.
كل ما تعرفه أن السيارة سارت في طريق البحر حتى وصلت سيدى جابر وانحرفت لتدخل شارع المشير وتكمله لأخره ثم سلك يمينا في شارع ابو قير وعندما أتت منطقة مصطفى كامل انحرف يسارا. ووجدت لافتة مكتوب عليها اسم كفر عبده وهي كما سمعت إحدى أفخر المناطق بالاسكندريه وبها بعض القصور والفلل الرائعة كما سمعت من أصدقائها.
شاهدت بوابات وستائر حديدية طويلة لحماية الخصوصية لأهل كل قصر.
ثم انحرفت السيارة وأطلق البوق ففتحت البوابة الكبيرة المرتفعة المطلية باللون الأسود وبعض اللون الذهبي وسارت السيارة في ممر واسع طويل ثم أوقف سيارته.
ثم انحنى عليها وفك الحزام الخاص بالسيارة ثم قال لها بجفاء.
_ انزلي
ففتحت الباب وخرجت من السيارة
ووجدت أمامها درج صعود لباب القصر فدخلت وراءه. وكان يقف أمام الباب من الداخل رجل كبير في السن إلا أن النشاط واضح عليه وكان يرتدي ملابس نظيفة.
وقال الرجل الذي أنقذها
_ مرحبا ياسين بيه
_ أهلا يا فوزي البنت التي أمامك يدها مچروحة حاول ألا ټلمسها وسيأتي الطبيب حسين لكى يعالجها فانتظر قدومه قريبا. آه لقد نسيت أن أقول لك اسمها هي نوبية.
_ نعم سيدي
_ فردت هي نعم أنه اسمي.
_ سيدي لديك مكالمة بالداخل
_ حسنا اهتم بالفتاة
ودخل هو في اتجاه قاعة كبيرة بينما وقفت هي أمام فوزى خادم ياسين زايد
فقال أتبعيني يا آنسة نوبية سأعد لك مشروبا من الكاكاو الساخن. هل تحبينه
ردت نعم
وتبعته إلى مطبخ كبير جدا ومجهز تجهيزا أكثر من فاخر. أشار إليها أن تجلس على كرسي الطاولة الصغيرة في الزاوية وجلست هي لمشاهدته وهو يتحرك عبر المطبخ وهو يقوم بإعداد الكاكاو كما لو كانت صبية صغيرة.
وقال لها سأضع لكي قطعة من الشيكولاتة كي تقوم بتدفئة أكثر.
ابتسمت له وهو يضع الكوب أمامها. خفضت رأسها وغطت عينيها بيدها.
فقال هذا مؤلم أليس كذلك يمكنني أن أقدم لك أي شيء بعض الأسبرين أو حباية من المسكن إني أملك شريطا من البروفين القوي استخدمه لمفاصلي.
لا يغرك شكلى أنني مريض كأي شخص في سني فقد قربت على الستين وطبعا عظامي بها بعض الألم.
لكن الدكتور حسين يعطيني أدوية وسيكون هنا قريبا ويصف بلا شك إحدى هذه الأدوية.
فأجابته نعم أعلم شكرا على التفكير بإعطاء الدواء .
عند ذلك رن جرس الباب فذهب سريعا وهو يقول.
_ أكيد الدكتور حسين قد وصل.
وبعد خمس دقائق دخل الطبيب وهو رجل عمليا جدا.
_ أهلا يا آنسة هل تسمحين وتمدين يدك إلى كي أشاهد الچرح
_ بالتأكيد.
شعرت بجسدها يتوتر ولا تدري لماذا فكرت الآن في طفولتها عندما كانت آمنة مطمئنة لا تدرك معنى الألم أو الاحتياج. حياتها كانت عبارة عن أفراح وملذات صغيرة قطعة حلوى أو عسلية بالسمسم أو وجبة دسمة يجتمع الجميع حولها في ليالي الشتاء القارس.
ثم استعادت وعيها وتيقنت أين هي الآن وأن الماضي مستحيل أن يمر ثانية على الإنسان إنما تستنشق عطره وربيعة في ذكريات خالدة في قلوبنا.
وبدأ حسين بالكشف.
ثم قال لفوزي هل حدث شيء لياسين وهل له علاقة بتلك الحاډثة.
كان يقولها وعيناه تتفحص نونا ويأخذ انطباع عنها.
إلا أنه وجدها ما زالت فتاة صغيرة لا يمكن لياسين أن يكون تورط معها في علاقة ما أو ما شابه فإن ملابسها البسيطة تدل على ذلك كما أن ملامحها البريئة تخبره بالكثير من الطهر
متابعة القراءة